انها الحقيقة (لو اتحدت مصر والشام لوقعت اسرائيل بين فكى كماشة البندق)


إن هدفنا من التحرك إلى الشام هو إعادة الأمن إلى نصابه واسترجاع حقوق عزيز مصر وعمل الخير للأمة الإسلامية وتأمين سلامة الحدود وخدمة الدين والدولة وإنقاذ الأمة الإسلامية من كارثة التشتت والاضمحلال، فالشام هى بوابة الديار المصرية".
هذه الكلمات لحاكم مصر محمد على باشا كما وردت بالنص في الجزء الثانى من المحفوظات الملكية، فقد أدرك الباشا الألبانى الأصل أن أمن مصر موجود في الشام (فلسطين، الأردن، لبنان، سورية) الآن، وأن من يريد السيطرة على مصر عليه أولا السيطرة على الشام.
في تشرين الأول-أكتوبر 1831 يهاجم الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا عكا مدعما بالأسطول المصري في البحر المتوسط وفى مدة وجيزة ينجح إبراهيم باشا فيما فشل فيه نابليون بونابرت قبله ويستولى على عكا ومعظم المدن الساحلية في الشام، وتدخل باقى المدن السورية طواعية في حكم مصر هربا من وحشية الحكم العثمانى، وفى يونيو 1842 يدخل الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا مدينة دمشق، وفى يوليو 1833 تقع معركة ( بيلان ) بين الجيش المصري و الجيش العثمانى ويمزق الجيش المصري الجيش العثمانى و يشتت فلوله ويتوغل في الأناضول و يطلب إبراهيم باشا من والده محمد على باشا السماح له بالتوغل في تركيا و دخول الأستانة، فقد كان إبراهيم باشا أبعد نظرا من والده وأكثر ميلا لانتهاز تلك الفرصة التاريخية للقضاء على الدولة العثمانية ( رجل أوروبا المريض )، والاستقلال بالأقطار العربية وإعلان الدولة العربية وقاعدتها مصر، ولكن محمد على باشا منع ولده من تنفيذ حلمه وذلك لخشيته من تحالف القوى الأوروبية ضده، وهو خطأ سيندم عليه فيما بعد عقب فشل محاولاته للحصول على استقلال مصر و الشام بالطرق الدبلوماسية من بريطانيا و فرنسا وهو ما قوبل بالرفض التام من كلتيهما.
في 29 أيار- مايو 1834 يكتب القنصل الإنجليزى العام في الإسكندرية إلى حكومته "إن الدولة السياسية الموحدة (مصر و الشام) التي تتشكل تحت حكم محمد على تمثل قوة ضارة بمصالح إنجلترا في الشرق الأوسط وخاصة إذا استقامت في مملكة منسجمة قوامها العروبة".
ويكتب المستشار النمساوى مترنيخ في 20 تشرين الثاني- نوفمبر 1834 إلى قيصر روسيا نيقولا الأول محذرا من مشروع محمد على الرامى إلى الاستقلال وخلق دولة عربية قوية مركزها مصر و الشام.
وفى يوم 4 آب- أغسطس 1839 يتلقى محمد على باشا رسالة من بالمرستون وزير خارجية بريطانيا حملها له القنصل الإنجليزى العام في مصر تقول (إن إنجلترا تعترض على الوجود المصري الحالى في الشام، ولكن أوروبا كلها لا تعترض على توسع مصر في أفريقيا بل على العكس ستنظر إليه بعين العطف، ويستطيع محمد على باشا أن يضمن هناك عدم تعرضه لأى هجمات بل مساعدته أيضا في مهمته).
هكذا وبمنتهى الصراحة بريطانيا تشجع محمد على باشا على التوسع المصري في أفريقيا ولكنها تعارض وتمانع الوجود المصري في الشام وقيام دولة عربية موحدة من مصر والشام، وعندما يرفض محمد على باشا الانصياع للأوامر البريطانية تجتمع عليه أوروبا كلها لتطرد مصر من الشام بعد مواجهة شرسة تنتهى بخروج القوات المصرية من الشام وفرض اتفاقية لندن 1840 على مصر والتى قيدت مصر بشروط خاصة بتحديد حجم وتسليح الجيش المصري لتبدأ عملية تقويض الإرادة السياسية المصرية، فمصر التي تم إجبارها بالقوة على الانسحاب من الشام ومن فلسطين تنكفئ إلى الداخل وتتخلى عن عمقها الاستراتيجي في المشرق العربي، وتفكك صناعاتها الوطنية وتفتح أبوابها للمنتجات الأوروبية وللتدخلات الخارجية في سياساتها الداخلية حتى ينتهى الأمر باحتلال بريطانيا لمصر عام 1882.







0 التعليقات:

إرسال تعليق

اكيد هستفيد برايك

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grants For Single Moms | تعريب وتطوير : باســـم .